إن من الأصول المتقررة عند أهل السنة والجماعة،بأن لا يشهد لأحد بجنة ولا نار إلاّ لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بها.
وشهادة الله ورسوله لا تكون إلا بدليل نصي قاطع لا تأويل فيه، فقد أخرج البخاري من حديث أم العلاء قالت: “سكن عندنا عثمان بن مظعون فاشتكى فمرضناه حتى إذا توفي وجعلناه في ثيابه دخل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت:رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله”، فقال لي النّبي صلّى الله عليه وسلّم: (وما يدريك أن الله أكرمه)،فقلت “لا أدري بأبي أنت وأمي يا رسول الله”،فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:(أما عثمان فقد جاءه والله اليقين وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به).
قالت”فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا، وأحزنني ذلك”، قالت فنمت فأُريت لعثمان عينا تجري،فجئت إلى رسول الله صلّى الله علّيه وسلّم فأخبرته فقال:(ذاك عمله)
وفي هذا وأمثاله،دلالة على أنه لا يقطع لمعين بالجنة إلا الذي نصّ الشارع على تعيينهم كالعشرة المبشرين وعكاشة بن محصن،وقد بوب على هذا الحديث الحافظ البيهقي في السنن الكبرى : “باب لايشهد لأحد بجنة ولانار إلاّ لمن شهد له رسول
الله صلى الله عليه وسلم بها”،،
وسواء كانت رؤيا واحدة، أو كانت أكثر من رؤيا شوهدت في إنسان ما،فوجهة نظري أنه لا يحكم من خلالها بكونه من أهل الجنة، لإحتمال كون الرؤى غير صادقة مثلا،أو كون الرؤى ليست على ظاهرها،فمعلوم كون الرؤى أحيانا تكون رؤيا صادقة لا تحتاج لتفسير،وأحيانا تكون رؤيا تعبير،ورؤيا دخول الجنة كذلك، فالرؤى ظنيّة ولا يُقطع بأحكامها.
ثم إن من يرى أنه من أهل الجنة، فقد يكون لرؤيته معنى تؤول عليه، ولا تكون على ظاهرها، ومن أهم معاني مثل هذه الرؤى ما يلي:
أ/ أنه سيكون من أهل الصيام ويحبب له الصوم، أو أنه يحب شهر الصيام ويحب كون شهور السنة كلها رمضان.
ورد عن أبى هريرة رضى الله عنه تعالى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال :
(الصيام جنة فلا يرفث ، ولا يجهل ، إن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إنى صائم مرتين ،والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك،يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلى،الصيام لى وأنا أجزى به، والحسنة بعشر أمثالها). حديث صحيح،رواه البخارى .
ب/ أنه سيكون بارا بوالديه، فقد ورد في الحديث الصحيح،عن أبي الدرداء قال،قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ إن شئت أو ضيع..)
وورد أيضا: عن أبي سعيد الخدري قال،قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر)..الحديث.
ورد أيضا عنه صلّى الله عليه وسلّم (رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ورغم أنف رجل أتى عليه شهر رمضان فلم يغفر له ورغم أنف رجل أدرك أبويه الكبر فلم يدخلاه الجنة).
ج/ حبه للجهاد،سواء الجهاد الأكبر أو الاصغر،وقد ورد كثير من النصوص التي تبشر بالجنة للمجاهد الصادق الصابر.
د/ أنه يحب عمل السر، فالجنّ في اللغة هو الاستتار، فلعه عمل عملاً من أعمال البِّر في السِّر كالصدقة مثلا.
هـ/ طاعة الزوج وهذا المعنى خاص بالنساء المتزوجات، وتأمل مارواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:(إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت).
ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني في الجامع الصغير.
فخلاصة هذا الرأي: من رأى أنه دخل الجنة فإنه يعمل عملا صالحا يستوجب به الجنة.
قال ابن مفلح في ” الآداب الشرعية ” ( 3 / 451 ) .
و/ الزواج،وهذا المعنى غالب فيمن رآها ولم يتزوج وهذا لوجود الحور، ولأنه لا يدخل الجنة أعزب كما جاء في الحديث الصحيح.
وعلينا الحذر من التعجل وإطلاق الأحكام المجردة بناء على مجرد رؤيا أو مجموع رؤى،،
قال المروذي:أَدخلت إبراهيم الحميدي على أبي عبد الله وكان رجلا صالحا فقال:إن أمي رأت لك كذا وكذا وذكرت الجنة،فقال:يا أخي إن “سهل بن سلامة”كان الناس يخبرونه بمثل هذا,وخرج سهل إلى سفك الدماء وقال:الرؤيا تسُر المؤمن ولا تغرّه.