ملك الرؤى

الرؤيا سبق لنا تعريفها، واستخلصنا من تعريفها أنها أفعال مضروبة يضربها الملك الذي وكله الله بالرؤيا، ليستدل بها الرائي بما ضرب له من المثل على نظيره، ويعبر منه إلى شبيهه، ولذا سمي تأويلها تعبيرا.

وهذا الملك قيل إن اسمه ( صديقون ). ولم أقف على خبر صحيح بهذه التسمية، وإنما جاءت في بعض النقول ببعض الكتب دون إسناد لها صريح وصحيح.

والصحيح أن نقول: ملك الرؤيا، أو الملك بلا تخصيص اسم، بدليل الحديث التالي: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت كأني أُتيت بكتلة تمر فعجمتها في فمي، فوجدت فيها نواة آذتني فلفظتها، ثم أخذت أخرى فعجمتها في فمي فوجدت فيها نواة فلفظتها، ثم أخذت أخرى، فوجدت فيها نواة فلفظتها. فقال أبو بكر رضي الله عنه: دعني فلأعبرها، قال: عَبِّرها قالِ: هو جيشك الذي بعثت يسلم ويغنم، فيسلمون ويغنمون فيلقون رجلا فينشدهم ذمتك فيدعونه، ثم يلقون رجلا فينشدهم ذمتك فيدعونه، ثم يلقون رجلا فينشدهم ذمتك فيدعونه، قال صلى لله عليه وسلم: كذلك قال الملك.*1

والذي يهمني من إيراد الحديث، أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أطلق عليه الملك، ولم يسمه، ولو كان له اسم لسماه، كما سمى غيره من الملائكة، مثل جبرائيل واسرافيل وميكائيل عليهم السلام، وغيرهم.

وقد ورد عن هذا الملك بعضا من الأوصاف التي لم أقف على صحتها؛ ومن ذلك أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة.

قال ابن حجر في الفتح: قال الحكيم: وكل الله عز وجل بالرؤيا ملكا اطلع على أحوال بني آدم من اللوح المحفوظ، فينسخ منها ويضرب لكل على قصته مثلا، فإذا نام الإنسان مثل له الملك الأشياء على طريق الحكمة، لتكون له بشرى، أو نذارة، أو معاتبة.


*1- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد- ( 7/266)- كتاب التعبير باب فيما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام- دار الكتب العلمية بيرو-لبنان – الطبعة الأولى 1422هـ – 2001م، ( ورواه الإمام احمد وفيه مجالد بن سعيد وهو ثقة وفيه كلام )